هيبته وتأثيرها فى القلوب

قال أنس رضى الله عنه: (لما كان اليوم الذى دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء كل شئ منها، فلما كان اليوم الذى مات فيه أظلم كل شئ منها، وما نفضنا الأيدى عن النبى صلى الله عليه وسلم وإنَّا لفى دفنه حتى أنكرنا قلوبنا) وفى هذا القول من الإشارات لتأثير هيبته وجلاله صلى الله عليه وسلم ما كشفها الإمام العارف بالله الحكيم الترمذى حين قال شارحا للحديث: إنه كانت هيبته ووقاره وجلاله وطهارته صلى الله عليه وسلم تجعل النفوس تلقى بأيديها منقادة مستسلمة هيبةً له وإجلالاً وحياءً منه صلى الله عليه وسلم، وكان له طلاوة وحلاوة ومهابة، فأينما حلَّ صلى الله عليه وسلم ببقعة أضاءت تلك البقعة بنوره وطلاوته وحُلِّيَت بحلاوته وتهيأت شئونها بمهابته؛ فلما قُبِض عليه الصلاة والسلام ذهب السِّرَاج وزال الضوء وفاتت تلك الطلاوة والحلاوة والمهابة. أما قوله: (وما نفضنا الأيدى حتى أنكرنا قلوبنا ...) فلأنه صلى الله عليه وسلم كان آية من آيات الله العظمى فمن عرفه وتمكنت معرفته من هذا الطريق فإذا فقده: أنكر قلبه؛ لأن نفسه كانت فى قهر ما أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم من السلطان، فلما أحست النقص بذهابه وجدت زمامها ساقطة بالأرض كالمُخَلاَّة عنها، فتحركت وتشوقت لِمُنَاها وأصاخت أذناً لمطامعها. وكلما عظمت هيبة الله تعالى ومحبته فى قلب عبدٍ: فهو للهيبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد؛ وحبه فى قلبه أعظم وأصفى، فقد كان له باللإضافة إلى هيبة ووقار النبوة هيبة خاصة بسيد المرسلين، وأما هيبة النبوة فقد ذكر القرطبى فى شرح سورة يوسف عليه السلام أنه ما زال النساء يملن إلى يوسف ميل شهوة حتى نبأه الله، فألقى عليه هيبة النبوة؛ فشغلت هيبته كل من رآه عن حسنه.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفف من آثار هذه الهيبة على من حوله وروى الحاكم من حديث جرير أنه أتى برجل فأرعد من هيبته صلى الله عليه وسلم فقال (هون الله عليك فلست بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد).

ورَوَى مُسْلِمٌ عن أبى مسعود البدرى رَضِى اللَّهُ عَنْهُ قال كنت أضرب غلاماً لى بالسوط فسمعت صوتاً من خلفى: (اعلم أبا مسعود) فلم أفهم الصوت من الغضب، فلما دنا منى إذا هو رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فإذا هو يقول: (اعلم أبا مسعود أن اللَّه أقدر عليك منك على هذا الغلام) فسقط السوط من يدى من هيبته وقلت: لا أضرب مملوكاً بعده أبداً وفى رواية: فقلت يا رَسُول اللَّهِ هو حر لوجه اللَّه، فقال: (أما إنه لو لم تفعل للفحتك النار) أو قال (لمستك النار).

هذه الصفحة عزيزي الزائر لموقعنا تخبرك عن جديد الموقع  و الاضافات الجديدة سواء كانت فقرات لأبواب موجودة حالياً، أو الأبواب التي تحت الإنشاء، أو جديد الموقع من صور أو غيرها، كما يسرنا أن نرحب باقتراحاتكم و آرائكم على العنوان البريدي لهذا الموقع
صور

 

 

الصفحة الرئيسية راسلنا آراء القراء خريطة الموقع