الشفقة والرحمة بجميع الخلق
قال تعالى فيه صلى الله عليه وسلم:
﴿بِالْمُؤْمِنِينَ
رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾
وقال تعالى:
﴿وَمَا
أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾
ومن شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته أنه لما كذَّبه قومه أتاه جبريل عليه
السلام فقال له: "إنَّ الله قد سمع قول قومك لك وما ردُّوا عليك به؛ وقد أمر
ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم"، فناداه ملك الجبال وسلَّم عليه وقال: مُرنِى
بما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخْشَبين - وهما جبلا مكة - فقال النبى صلى
الله عليه وسلم: (بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ
يَعْبُدِ اللهَ وَحْدَهُ وَلاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً) وقال ابن مسعود رضى الله
عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتَخوَّلنا بالموعظة مخافة السآمة
علينا) وعن السيدة عائشة رضى الله عنها أنها ركبت بعيراً وفيه صعوبة فجعلت
تردده - تنخسه - فقال لها عليه الصلاة والسلام (عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ).
الوفاء وحُسْن العهد وصِلَة الرَّحِم
روى أبو داود عن عبد الله بن أبى الحمساء رضى الله
عنه قال: (بايعت النبى صلى الله عليه وسلم ببيع قبل أن يُبعَث؛ وبقيت له بقيةٌ
فوعدته أن آتيه بها مكانه؛ فنسيت ثم ذكرت بعد ثلاث؛ فجئتُ - فإذا هو فى مكانه -
فقال: " يَا فَتىَ لَقَدْ شَقَقْتَ عَلَىَّ؛ أَنَا هُنَا مُنْذُ ثَلاَثٍ
أنْتَظِرُكَ) وعن أنس رضى الله عنه قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا أُتى
بهدية قال اذهبوا بها إلى بيت فلانة فإنها كانت صديقة لخديجة إنها كانت تحب
خديجة) ودخلت عليه امرأة فهشَّ لها وأحسن السؤال عنها فلما خرجت قال: "إِنَّهَا
كَانَتْ تَأْتِينَا أَيَّامَ خَدِيجَة وَإِنَّ حُسْنِ الْعَهْدِ مِنَ
الإِيمانِ). ووصفه صلى الله عليه وسلم بعضهم فقال: كان يصل ذوى رَحِمهِ من غير
أن يؤثرهم على من هو أفضل منهم، وعن أبى قتادة قال: وَفَد وفدٌ للنجاشى فقام
النبى صلى الله عليه وسلم يخدمهم فقال له أصحابه: نكفيكَ، فقال صلى الله عليه
وسلم: إِنَّهُمْ كَانُوا لأَصْحَابِنَا مُكْرِمينَ وَإِنِّى أُحِبُّ أَنْ
أُكَافِئَهُمْ) وعن عمرو بن السائب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالساً
يوماً فأقبل أبوه من الرضاعة فوضع له بعض ثوبه فقعد عليه، ثم أقبلت أمه - أى
حليمة السعدية - فوضع لها شِقَّ ثوبه من جانبه الآخر فجلست عليه، ثم أقبل أخوه
من الرضاعة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه بين يديه. وكان صلى الله
عليه وسلم يبعث إلى ثويبة مولاة أبى لهب - مرضعته - بصِلَة وكُسوة، فلما ماتت
سأل: من بقى من قرابتها فقيل: لا أحد.
وقد قالت السيدة خديجة له صلى الله عليه وسلم:
(أبْشِرْ، فَوَاللهِ لاَ يَخْزِيَكَ اللهُ أبَداً، إِنَّكَ لتَصِل الرَّحِمَ،
وتحَمِلُ الكَلَّ، وتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وتَقرِى الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى
نَوائِب الْحَقِّ).
|